فلم فضيلة أن تكون لا أحد
فلم فضيلة أن
تكون لا أحد – المخرج بدر الحمود
فلم -فضيلة أن تكون لا أحد- هو فلم فلسفي إلى حد ما، يناقش فلسفة
العيش في حيوات مختلفة، إن كان يستطيع الإنسان ذلك! بكل أفراحها وآلامها.
إن تناقض العنوان في كلمتي فضيلة...ولا أحد، يعطي تشويقا للمشاهد
لمعرفة محتوى الفلم الذي سيفسر له هذا التناقض.
نجد أن المخرج بدر الحمود في هذا الفلم كان أكثر عمقاً، أو لنقل... أن
أفلامه السابقة كما قيل : كانت تفتعل حراكاً خارجياً، يؤثر على المجتمع، بينما هذا
الفلم حراكه داخلي، يغوص في النفس البشرية.
في أفلامه السابقة كان الاعتماد على التصوير، والمشاهد المتداخلة
(داكن) ( قلم المرايا)على سبيل المثال، لكن هنا نجده يعتمد على الحوار الطويل، وهو
عمل شاق جداً على الممثلين، حيث أن (كاميرة) التصوير لم تتحرك سواء في السيارة، أو
المقهى.
الحوار كان عفوياً جداً، بعيدا عن تكلف الممثلين في الأفلام
والمسلسلات التي اعتدناها، وبعيداً كل البعد عن الرسائل المباشرة التي توضع في بعض
الحوارات بشكل فج!
نلاحظ كيف يمكن للإنسان البوح للغريب أو (اللا أحد) بينما يصعب عليه
التحدث عن مشاعره للقريب، هذا ما يفسر لنا انغماس الناس بشكل خطير، وخاصة المراهقين
بالبوح و-الفضفضة- في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما نبه له الفلم. وربما يكون
السبب أن ذلك الحوار يكون بعيداً عن التوقعات، والمخاوف، وردود الأفعال السلبية،
كما أن الحوار عمره سينتهي عند محطة الوصول.
الفلم يناقش فلسفة الصدمات، والحزن، والخوف من شيء معين
ونجد أن إجابات (أبو ناجي) عن كل تلك الصدمات والمخاوف، تبسطها وتفتح
مجالاً لأسئلة جديدة.
أعجبني المخرج حين عرض لنا موطنه في الفلم، فصوّر المنطقة الشرقية
وأهلها، وما يمتازون به من طيبة يشهد عليها الجميع.
الفلم واقعي يختلف عن الأفلام الحالمة
فلم يكن هناك موسيقى بل أصوات السيارات، ولم يكن هناك كلام منمق
ومدروس بل حوار يقطعه الصمت وتعبيرات الوجوه ذات المغزى.
لا غابة خضراء ولا مطعم فخم بل شوارع، وسيارات، ومطعم عادي، وأجواء
صيفية حارة، كما في الحياة اليومية، وهذا هو الدور الحقيقي للسينما:
رؤية واقعية، ورسالة هادفة، وأسلوب راق يحترم المشاهد.
ورغم أني لا أحب تقزيم الأعمال الجيدة، فأنا أيضاً ضد التضخيم، هو عمل
جيد يستحق المشاهدة، ولكن ننتظر من المخرج الأفضل أيضاً.
-----------------------------------------------------------------
أمسية نادي جليس للكتاب - ينبع
تعليقات
إرسال تعليق
رأيك يهمني