كل ما حصل كان خطأك!

 




كل ما حصل كان خطأك!

هي القاعدة الإدارية التي تقتضي من الرئيس أن يتحمل الخطأ دون سواه.  

لم أدرسها في المدرسة ولا في الجامعة، لكني عرفتها من خبرتي كأم، فقياساً عليها (القاعدة الأولى في السلامة، ليس على الأطفال ملامة) فكل خطأ يحصل هو خطأ الأم، إلا ما كان خارجاً عن حولها وإرادتها، وطبعاً كل شي مقدر ومكتوب.

من هذا المنطلق، قمت بتطبيق هذه القاعدة على إدارتي حين رُشحت لمنصب رئيسة نادي دانة ينبع للخطابة والإلقاء (التوستماسترز).

وهكذا لبست درعاً حديدية، وخضت التجربة بروح المناضلة التي تقوم بكل شيء كي لا تقع في الخطأ! فلا تشعر بتأنيب الضمير ولا تجد ملامة من أحد!!

فتترأس الاجتماعات، وتنوب عن عريف الاجتماع، وعن الشؤون التعليمية فتتابع تقدم العضوات، وعن العلاقات العامة فتنسق مع مختلف الجهات، وتسدد رسوم العضوية، وتكتب أجندة الاجتماع، وتصمم إعلان الاجتماع، وتحضر قبل الجميع، ومعها أوراق الاجتماع، والسجل الإداري، ودلّة القهوة والضيافة، وصغيرها في عربته!

كل ذلك كي لا تتراجع فعالية النادي الذي بات في أوج نشاطه وقوته ومجده.

إن كنت ترى عزيزي القارئ أن ذلك كان مرهقاً فلا تسأل عن الأمسيات!!

فالأمسيات كانت عبئاً ثقيلاً، وكأنه زواج (إحدى بناتي)، أقف على قدماي طوال الوقت، في قلق واضطراب أحاول السيطرة على أي موقف خارج الخطة، أشرف بنفسي على كل شيء حتى الختام.

كانت رسائل الإشادة والثناء تتزاحم على حساباتي بعد الأمسية، لكن كانت هناك أيضاً رسائل تنتقد خطأ هنا أو هناك، فكنت أتأثر كثيراً، وأشعر بالندم وأتساءل: لماذا؟ ألم أقم بكل ما ينبغي؟ لماذا لا يكتمل العمل أبداً؟

صديقتي نوف ورفيقة دربي وأثيرتي في هذا النادي كانت تحترم رأي فتتركني أفعل ما أراه صحيحاً، لكنها كانت تقول دائما: أتركيهم ليتعلموا من أخطائهم!

وكنت أخالفها الرأي؛ لأن الخطأ باعتقادي سيكون خطئي في النهاية.

وهكذا لم يتعلم فريقي كثيراً، بل ربما تعلم بعضهم أن يبحثوا عن من يحمل عنهم العبء.

لكن التوستماسترز الذي أتاح لي فرصة القيادة، هو الذي عدل لي مساري وأعطاني أقوى الدروس في هذا المجال.

فبعد انتهائي من رتبة القائد المتقدم البرونزي، كان عليّ تحصيل رتبة القائد المتقدم الفضي، ومن متطلبات هذه الرتبة القيادية الرفيعة، أن أقوم بدراسة وتطبيق مشروع ضمن برنامج (القيادة عالية الأداء)

ومنذ أن بدأت في قراءة الكتاب، وأنا أجد نفسي قد قمت بمعظم ما جاء فيه لكن بطريقة سأقول الآن بأنها خاطئة في بعض الأحيان.

(القيادة الخدمية) مثلا مطلوبة الآن، وهي عصب الإدارة الناجحة، فلم يعد هناك كرسي وثير، أو برج عاجي للقائد، إنما القائد جزء من فريقه، يعمل معهم، يشعر بهم، يقوم بحل مشاكلهم، وخلافاتهم، وبعد أن تنتهي مدة قيادته، يسلم الدفة لغيره، في هذه النقطة لم يكن لدي أي مشكلة.

ما تعلمته أن الرئيس ليس هو من يقوم بالعمل، بل هو الذي ينجح في أن يقوم مرؤوسيه بأعمالهم، لقد أكد ذلك كلام والدي- حفظه الله- حين قال: عمل القائد هنا أصعب، فقيامك بالعمل بنفسك هو أسهل من دفع غيرك للقيام به، والإشراف ومتابعة ذلك؛ لأن التعامل مع المهمات مباشرة أسهل من التعامل مع الأشخاص ذوي النفسيات والطبائع المختلفة.

 لذا يجب على القائد أن يمتلك القدرة على التواصل والتعامل مع الجميع بمهارة، وحكمة، يمزج فيها بين التعاطف والحزم، ويترك بينه وبينهم (شعرة معاوية) رضي الله عنه.

ولن أسرد هنا ما تعلمته من هذا الكتاب التفاعلي (القيادة عالية الأداء)، الغني بالأمثلة، السلس في الأسلوب، والفعال في التطبيق.

واحتوائه على مهارات وأفكار وجداول تنظيمية، تتيح للقائد فرصة ترتيب الأعمال، وتنظيم الأوقات، وتحديد المشكلات، وحل الخلافات.

سأترك لك أيها القارئ فرصة مطالعته حتى وإن لم تكن رتبتك التعليمية تستوجب دراسته، لأنك بمجرد قراءة الفصل الأول ستجد نفسك وقد امتلأت حماساً وهمة للقيام بدور القائد.

وحين طبقت الكتاب على مسابقة نادي الدانة 2019

كان العمل على المشروع يسير بشكل فعّال، في الإعداد، والتنظيم، والتنسيق، والتوزيع، والاجتماع بلجنة الإرشاد والتي كان لها دوراً كبيراً في مقاربة الأمور من مختلف الزوايا.

والإشراف على فريق العمل الذي كان قمة في التعاون، والتفاني، والهمة العالية، والذي ساهم بشكل رائع في نجاح المشروع، كما أن التغذية الراجعة التي اقترحها الكتاب أضافت لي كثير، وفي النهاية كانت النتيجة مرضية لي قبل الجميع.

لقد دخلت إلى عالم التوستماسترز نادي يعلم فن الخطابة والتواصل والإصغاء والقيادة، أحمل تجارب حياتي كعلبة مليئة بالخرز الملون، فقام التوستماسترز بنظمها عقداً ثميناً غالياً عليّ أعتز بارتدائه دوما.

أحببت أن أشارككم تجربتي البسيطة في القيادة، وربما كنت في حاجة إلى المزيد من التجارب والتعلم، إن أصبت فمن الله سبحانه وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

-----------------------------------------------------------------

عريف مميز: ع.م. أشواق مليباري

مديرة المنطقة 72 لأندية التوستماسترز للخطابة و الإلقاء 2019



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فلم فضيلة أن تكون لا أحد

قراءة في كتاب (رد قلبي) للشاعر مصعب العمودي

قراءة في نص : من كل وادٍ عصا للأديب إبراهيم يوسف